jueves, 17 de septiembre de 2015

دراسة نقدية لكتاب اسلام بلا مذاهب لمؤلفه الدكتور مصطفى الشكعة

ولد الدكتور مصطفى الشكعة في عام 1917 في مصر
درس في كلية الاداب في جامعة القاهرة وكان احد اساتذته الدكتور طه حسين وغيره من المستشرقين. عرف عنه استقلالية رايه فقد خالف استاذه طه حسين في العديد من المسائل والقضايا.

الجدير بالذكر ايضا ان للدكتور مصطفى الشكعة فضل في ادخاله تدريس اللغة العربية في الجامعات الامريكية وذلك اثناء اقامته فيها, كما انه قام بنفسه بالاشراف على مراجعة مقررات اللغة العربية في جامعات الامارات وفي تطوير المناهج في جامعات مصر. دعونا اذا نعتبره المجدد الاول للغة العربية كلغة تدرس اكاديميا في القرن الماضي. وقد كان يستحق التكريم ففي عام 1998 نال جائزة الدولة التقديرية في الاداب.

هذا الاديب المخضرم ترك لنا كنزا ادبيا معاصرا, من ضمن مؤلفاته نذكر كتاب الائمة الاربعة, سيف الدولة الحمداني, مملكة السيف ودولة الاقلام. الامام الاعظم ابو حنيفة النعمان. مصطفى صادق الرفاعي كاتبا عربيا ومفكرا اسلاميا. الرافعي واعجاز القران الكريم . معالم الحضارة الاسلامية و اخيرا وليس اخرا من اشهر مؤلفاته هو كتابه الذي اعتمدته في بحثي هذا وهو كتاب (اسلام بلا مذاهب. وقد طبع منه اكثر من ثلاثين طبعة

هذا الكتاب هو الطبعة ذات التسلسل الثالث عشر من سلسلة طبعات تم تاليفها واصدارها منذ ثلاثين عاما, اي منذ العام 1987 اما الطبعة الاخيرة فقد تم اصدارها في عام 2000. والطبعة التي اعتمدناها نحن في بحثنا تم تاليفها في عام 1996

علق الشكعة عليه قائلا اشير في هذا الكتاب الا انه حينما نزلت الرسالة السماوية على قلب النبي محمد كان هناك اسلام واحد, هو الاسلام الذي يشترط الايمان بالله وباليوم الاخر والكتب والانبياء.

الاسلام الذي يامر بالمعروف وينهى عن المنكر والذي فرض علينا التعلم والعمل

الكاتب تطرق للحديث عن الطوائف والمذاهب في الاسلام بدا من الخوارج, الاباضية, الشيعة الامامية, الزيدية, الاسماعيلية, الاغاخانية, البهرة, الدروز, العلويون, القاديانية, اللاحمدية, المعتزلة, السنة, السلفيون انتهاء بالمتصوفة


ولان الكاتب الف كتابه بشكل حيادي وباسلوب بعيد كل البعد عن اي منطلق طائفي او نزعة عنصرية فقد اكد في مقدمة الطبعة الثالثة عشر اي الكتاب المعتمد في بحثنا النقدي هذا وتوجه بكل لباقة ادبية ونزعة علمية الى القراء المسلمين على اختلاف عقائدهم وطوائفهم مؤكدا انه يحرص على عدم خدش مشاعر اي كان من كافة الطوائف سواء اكانت معتدلة ام من الغلاة كما يسميها البعض

اما الهدف الاساسي من كتابه هذا هو نشر الحقائق العقائدية منها ووالتاريخية باسلوب علمي خالص وليس الهدف هو التفرقة وانما الالتزام بمنهج واعي لاعادة جدة الصف المسلم والتقريب في

وجهات النظر عن طريق البحث في نقاط الخلاف وفي نقاط الاتفاق على حد سواء.


ويجدر الذكر بان الدكتور الشكعة قام باعادة صياغة الفصل الخامس المتعلق بالاسماعيلية احساسا منه بان هذا المذهب بحاجة الى المزيد من التبيين خاصة ان انتشار رواده الديمغرافي في عدة دول عربية في الوقت الراهن امر واقع فوجودهم متركز في مصر وسورية وشرق افريقيا والهند

الامر يعتمد على التقريب بين مايسميهم المعتدلين وبين الذين غلوا في امور العقيدة الاسلامية الواضحة كل الوضوح

هذه الامور والخلافات سببت ضعفا في واقع الامة الاسلامية والضعف سببه التفرقه. سببه تفرق المذهب والعقيدة فالاختلاف في مذاهب المسلمين كان سببا في الخلاف واستغل الاحتلال هذه الثغرة فباركها مباركة عظيمة وغذاها عذاء مناسبا


فلماذا كل هذا التشتت ولماذا كل هذا الخلاف طالما ان الاسلام هو الاسلام والرسول واحد والكتاب واحد والعقيدة واحدةو وواضحة كل الوضوح فلماذا اذا ينشا عن العقيدة الواحدة عقائد اخرى؟

المؤلف عرض لنا كل تلك المذاهب والطوائف عرضا علميا لينا سهل الفهم وعرض لها عرضا تاريخيا

وادبيا وعقائديا مستهدفا الانصاف والسماحة

ففي القسم الاول من الكتاب حرص على الرد على امور استغلها الكثير من المستشرقين لنقد الدين الاسلامي مظهرا سمتاحته واكتماله باعتباره نظام تكافل اجتماعي عظيم وبان الشريعة الاسلامية حريصة كل الحرص على الحفاظ على حقوق وكرامة المراة المسلمة وبان الاسلام لم ينتشر كما يدعي البعض بجد السيف وانما بسماحته واحترامه للاقوام الاخرى ليس غريب على الدكتور التطرق لهكذا موضوع وادراجه في بداية كتابه سيما انه عاش فترة طويلة في الغرب وتتلمذ على ايادي اساتذة مستشرقين فعرف جيدا اهمية وكيفية الرد على ادعاءاتهم ضد الاسلام
كل هذه المواضيع كانت عبارة عن مقدمة للدخول في صلب الكتاب في قسمه الثاني متحدثا عن الانقسام الحاصل في جسد الامة بين فرق ومذاهب متعددة ومتفرقة في بعض الاحيان او حقيقة في الكثير من الاحيان ومنهم من يسمي بعموم المسلمين و بغلاة المسلمين من خوارج واباضية وزيدية

في قسمه الثالث يتطرق للحديث عن غلاة الشيعة من اسماعيلية ودروز وعلويون واحمدية وفي قسمه الرابع يبين نشاة وتاريخ وعقيدة واعلام المعتزلة ودورهم في التسبب في فرقة وانقسام الامة لفترة زمنية معينة بسبب فتنة مسالة خلق القران واحدى نتائجها كانت سجن بعض علماء الامة اهمهم الامام احمد ابن حنبل. ولو حللنا الامر من وجهة نظرنا لارتاينا الى ان هذه الفرقة اختلقت مسالة خلق القران لنشر الخلاف بين المسلمين بحجة التعمق في الفلسفة والغلو بفهم الدين عن طريق العلم والعقل فقط الامر الذي ادى الى نشوء مذهب اخر وهو مذهب الامام ابو الحسن الاشعري الملقب بامام اهل السنة في ذلك الوقت

اما القسم ماقبل الاخير وهو الخامس اعتبره الاهم لانه حدثنا عن اهل السنة ولاعتباره الصوفية من السنة الامر الذي اعتدنا سماعه من البعض على ان التصوف كعلم وكطريقة هو باب من ابواب التشيع وهو قد انصف الصوفية واصفا هذا المنهج بانه السمو والمجاهدة والبعد عن اسباب الماديات الرخيصة والسعي الى معرفة الخالق والتقرب اليه وبان تسميته الغربية كما في اللغة الاسبانية

(misticimos) هو امر جاحد وغير دقيق

لم يتناسى مسالة غلو بعض المتصوفة
المتصوفة هم كالاشاعرة وكالسلفيون من اهل السنة والسلفية هي ليست الا مصطلح مستحدث تاريخيا وبانها مجرد امتداد للمذهب الحنبلي

تحدث عن الخلاف بين اهل الحديث وبين اهل الراي فمنهم من يتمسك بحرفية النص ومنهم من يحكم العقل بشكل مطلق

دعونا نتعمق في هذا الباب عن سائر الابواب لان الكاتب قام بمقارنة في الفكر السياسي والعقائدي بين ائمة اهل السنة فطرح مواقفهم من مسائل الخلافة والحكم فهي جوهر الخلاف مع الشيعة فابو حنيفة النعمان عرف عنه خلافه مع كل الفئات السياسية سواء تلك التي عاصرته ام التي سبقته من شيعة وخوارج واموية وعباسية. فيجب ان يتم اختيار الخليفة بمقتضى الشورى بين جموع المسلمين فيكون اختياره سابقا لتوليه. اما الامام مالك فبالرغم من انه لم يكن ذا هوى سياسي الا انه وافق راي ابي حنيفة باعتماد الشورى في اختيار قائد المسلمين ولم يؤيد حكم بني امية ولا بني العباس معتبرا النظامين نظام ملكي بعيد كل البعد عن الشورة والاسلام ونيجة لرايه هذا تعرض للاذى

الشافعي لم يكن له ولاء سياسي معين لكنه تبنى رايا في الامامة فاذا جاءت من غير بيعة ام وجدت الضرورة فهي بيعة صحيحة لكن يجب ان يكون القائد حصرا قرشي وادان مسالة اضطهاد ال البيت من قبل الامويين والعباسيين

اما الامام ابن حنبل ايضا لم يكن له ولاء سياسي معين وبالرعم من تعرضه للاذى من قبل العباسيين فقد راى بانهم احق ن غيرهم في الخلافة. من ناحية اخرى ابن حنبل تمسك بمسالة الامامة تمسكت لايقل عن تمسك الشيعة له ولكنه لم يتحدث عن معاوية بسوء.

دعونا نقول بانه لم يتبنى موقف بقية الائمة في مسالة الشورى في اختيار الحاكم تسليما منه بالامر الواقع بامر توريث الحكم فالمسالة بالنسبة له تقتضي تصحيح نهج الحاكم ونصححه ان اخطا

نهاية فلو اردنا المقارنة في هذا الامر بين السنة و الشيعة لما توصلنا لحل ولتوافق قط لان موضوع الامامة عن الشيعة الاثني عشرية هو امر شديد الغلو علما ان الشيعة نشات وظهرت كحركة سياسية بحتة عارضت حكم صحابة رسول الله ورجحت حكم ال البيت ونرى بان الامام الشافعي وابن حنبل كانا ميالين لهذا الامر لكن بالطبع ليس بامكاننا المقارنة بين موقفهما من المسالة وبين غلو الشيعة باعتبار الامام او القائد هو مؤله وبانه معصوم عن كل خطا لابل ان وجوده بحسب اية الله الخميني اما ان توجد الامامة واما انه لاحاجة لوجود الله ورسوله فهذه المعادلة بعيدة كل البعد عن الاسلام )القران والسنة) وبعيدة كل البعد عن رؤية اهل السنة فالسؤال الذي يطرح نفسه الان اي تقريب بين الاثنين ممكن ان يكون؟

صحيح بانه وبحسب الكاتب هذه الخلافات والاختلافات بين السنة والشيعة هي التي ادت الى تدهور احوال المسلمين وتفرقهم وتشتتهم وبانه وبحسب المقولة الشعبية (مازاد الطينة بلة) هو استغلال الاحتلال لتلك الخلافات اسوا استغلال وعمل المشترقين على اشعال النار اكثر واكثر الا ان الخلاف موجود وهو امر حتمي. مااريد قوله هو ان رؤية الكاتب ليست خاطئة لابل اؤيدها ولكنها نظرة تفاؤل مثالي من الصعب جدا تطبيقه على ارض الواقع فشذوذ بعض الجماعات التي غالت في فهم الاسلام لابل اختلقت اسلام غريب عن الاسلام الحقيقي وذلك اثناء محاولتها الجمع بين عادات وعقائد قديمة وبين الدين الاسلامي الذي وصل اليها بعد الفتوخات الاسلامية وان الكاتب نفسه اثناء تحدثه عن نشاة وتاريخ تلك المذاهب ذكر بانها بدات كفرق سياسية وانتهت بعقائدية غيرت وبدلت عقائد الدين كل على منواله لتنشا فرق من فرق اخرى وكانها عملية تسلسلية لانهاية لها او بالاحرى عملية تشعب فعلى سبيل المثال نذكر غلاة الشيعة كما ذكر الكاتب ومنهم الاسماعيلية والدروز والعلويون والاحمدية والذي لم يذكر هو تشعب تلك الحركات وانقساماتها وكما ان الخلاف الظاهر هو بين السنة والشيعة الا انه الخلافات والانقسامات موجودة ليس فقط فيما بين السنة وانما بين هذه الجماعات ايضا

وصولا الى هنا دعونا نناقش وبتفاصيل اكثر القسم الخامس من الكتاب وهو بعنوان حرب وقتال بسبب المذاهب, بداية وبالنسبة لحرب المذاهب اسمح لي بنقد هذا العنوان اي حرب المذاهب فعن اي مذاهب يتكلم الدكتور, اثناء قرائتي للكتاب تفكرت فرايت انه يتحدث عن اسلام بلا مذاهب وانا مابرات افكر اهو اسلام بلا مذاهب حقا ام انها مذاهب بلا اسلام؟

اذا كان يقصد باسلام بلا مذاهب, اسلام بلا طوائف فالاجدر القول باسلام بلا فرق سيما انه روي عن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قوله بتفرق الامة على ثلاث وسبعين ملة او فرقة

عموما دعونا نعترف بان التفرقة والاختلاف بين المسلمين ليس بالامر البعيد عن الواقع وعن بقية الاديان ففي كل دين تظهر فئة تخالف من سبقتها حتى في الفلسفة كلما ظهرت مدرسة او نظرية تظهر اخرى تعارضها وتخالفها وماحصل ومازال يحصل في الاسلام هو امر طبيعي.
المشكلةكما اشار الكاتب لاتكمن في هذا الخلاف وانما تكمن في التعصب المذهبي والطائفي, الخطر يكمن عندما يرى اصحاب مذهب ما انه هو الاصل والصواب ويرفض الاراء والعقائد الاخرى. والكارثة هي كما يحصل في يومنا هذا من صراعات في المنطقة العربية عندما يتحول التعصب المذهبي الى حرب طائفية تسبب اراقة دماء المسلمين نذكر منها مايسمى بداعش فهم بحسب المعطيات خوارج العصر, اولئك الخوارج الذين بداؤوا بحسب الكاتب بارقة دماء المسلمين وهم من السنة فالفرقة هنا ليست فقط بين شيعي وسني وانما بين سني وسني عندما يتهم الاول, الاخير بانه خارج عن الدين ويجب قتله فقط لانه لايتبع اسلوب الاول في فهم الدين الاسلامي الحنيف

وكما ذكر ايضا القرامطة الذين وصلوا لمكة المكرمة واراقوا دماء الحجاج فيها فهاهي اليوم الميليشيات الشيعية الفارسية والعراقية واللبنانية تهاجر لسورية لاراقة دماء اهلها الامنين في ديارهم كل ذلك بسبب التعصب المذهبي


الاهم من الخلاف هو الفهم للاخر والاعتراف والاحترام للجميع والا يتم استخدام الدين كوسيلة لاستباحة دماء المسلمين فلماذا الخلاف اليوم طالما ان التاريخ يثبت بان علماء وائمة اهل السنة اخذوا بعض العلوم من اخرين شيعة او حتى خوارج والعكس حصل ايضا

فالخلاف على الامامة يجب ان ينهي و يجب تفاديه

هذا الامر يجب ان نؤيده جميعا وان نعمل على نبذ الفرقة والخلاف وقد عقدت المؤتمرات للتقريب بين السنة والشيعة وتبنى الشيخ القرضاوي بنفسه هذه المؤتمرات والجلسات لتطبيق التقريب بين المذاهب الاسلامية ولكن كل تلك الاحلام المثالية سقطت عندما استغلت ايران الثورات العربية لتعمل على نشر التشيع في المنطقة لابل تبني حمل السلاح على شعوب لاذنب لها الا انتمائها للسنة, انه واقع مر نعم ولكنه واقع فرض علينا فرضا


اشكر جهود الدكتور مصطفى الشكعة لمحاولته شرح الخلافات العقائدية بين الفرق الاسلامية حرصا منه على محاولة التقريب فيما بينهم ولكن الواقع المر فرض علينا النظر في الكتاب على انه كما ذكرت سابقا نظره تفاؤلية بعيدة عن واقع ماساوي.

ومن الامور التي حملتها على الدكتور هو شيطنة الخلافة العثمانية, قد يكون ظلم الاتراك للعلويين امر قد وقع وبانهم ظلموا السنة ايضا وفئات اخرى في المجتمع العربي والاسلامي
الا انه من المجحف استخدام مصطلح ظلم الاستعمار التركي دعونا نعترف بان
اللوبي الصهوني تمكن من السيطرة عليها ولكن المفارقات التاريخية تؤكد تورط الصهاينة في نهاية الحكم العثماني ولكن في بدايتها كانت خلافة اسلامية امتداد للخلافة العباسية فقد صدمت حقا عندما قال ظلم الاستعمار التركي


اختم بحثي بالقول بان الحل الامثل هو عدم النقاش عن العقائد كي لايتم تاجيج الخلاف لان الخلاف واقع لكن نشر سياسة الاحترام للاخر وعدم التدخل بعقائد الاخرين امتثالا لقوله تعالى في سورة الكافرون وبه اختتم قولي



    لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ

                                                                                                                          



                                                                                                                       رنيم سليمان