viernes, 1 de mayo de 2015

"الثورة الديمقراطية" لرضوان سليم



الدكتور رضوان سليم, دكتور في الفلسفة و استاذ محاضر في جامعة محمد الخامس    الرباط – المغرب. في كتابه الثورة الديمقراطية يتطرا لموضوع غاية في الاهمية في وقتنا الحاضر سيما ان الاحداث السياسية و الثورية في المنطقة العربية تتماشى بخطى متسارعة. احداث و ثورات كالبركان انفجرت في خضم صراعات و ضغوطات اديولوجية و سياسية في ان واحد.

نعم شعوب انتفضت و نفضت عنها غبار الصمت و الخنوع بعد عقود و عقود من الاستبداد. خرجت للشوارع لتعبر عن غضب عارم كان البوعزيزي قد ترجمه باضرامه النار بنفسه في احد شوارع تونس فلم تكن تلك النيران التي التهمت جسده الا شرارة حارقةكانت تكوي جسد المنطقة لعقود من الزمان, و ذلك منذ ان خرج المحتلون و سيطر على الحكم جلقة من حكام مستبدين حرقو
بلادهم كما حرق هولاكو بغداد
 
عودة الى الكتاب فمن خلال قرائتنا للنص نلحظ انه قد تم صياغة الكتاب في زمن يغلي ثورات و ثورات في 2013 و لذلك فان موضوع الديمقراطية يطرح نفسه و بقوة سيما ان تلك الثورات التي انتفضت لم تكن في بداياتها تعي معنى الديمقراطية و لا حتى الحرية. فالشباب الثائر لم يفكر وقتها بانه يتظاهر و يطالب بحكم ديمقراطي كل ماهنالك انه اراد الخروج للشارع للتعبير عن غضبه العارم بسبب تهميشه المتعمد و حصره في زاوية ضيقة الا وهي زاوية العجز الاجتماعي و الثقافي و العملي. فكم من الطاقات كبتت في الشرق الاوسط و كم من العقول هاجرت

الموضوع الاساسي للكتاب يطرح فكرة او بالاحرى تساؤل هل الاسلام يتعارض مع تلك الديمقراطية التي فرضت نفسها على المجتمعات المسلمة؟
هل الشريعة تتعارض مع مبادئ تلك الديمقراطية و الحكم المدني ام انها منظور اخر للحكم؟
هل بامكاننا مقارنة الحكم العلماني في الدول الاوربية ذات التقاليد و الاصول المسيحية و بين الحكم في البلدان المسلمة؟

بالتالي فان الكاتب يقدم للقارئ تحليل و قراءة موضوعية عن طريق طرع التسائلات الانف ذكرها , احب ان انوه الى انه في بعض النقاط يقدم لنا تحليلا حياديا و في نقاط اخرى حياز  لرؤية معينة.
لمست بعض الضبابية ففي بعض المقاطع كلامه مفهوم وواضح و في البعض الاخر مشبوك و غير مراي بشكل واضح.
 بداية احب التنويه الى ان النص مقسم لعدة مقاطع, في المقطع الاول الكاتب مابرا يتحدث عن التيار الاسلامي في الوقت الحاضر متناسيا ان مايسمى بالتيار الاسلامي ماهو الا دعاة نظرية لم و لن يشتطع الوصول الى الحكم في الدول العربية باي شكل من الاشكال بسبب هيمنة الدول الراسمالية على جلقة من حكام استبداديين في هذه المنطقة. فمن الخطا التعميم و القول بان التيار الاسلامي هو تيار واحد فعن اي تيار يتحدث؟ في مقدمة المقطع يصف التيار الاسلامي بتيار جديد يعتمد على لائكية النظام الديمقراطي. فكيف لهذا التيار الاعتماد بحسب الكاتب على لائكية النظام الديمقراطي وهو في الوقت نفسه يرى بان هذا النوع من النظام لايتفق مع الاسلام؟
فكان من الاجدر تحديد اي نوع سيما ان سياق الكتاب حديث جدا فقد كتب قبل عامين في وقت ظهرت فيه تيارات منها الخوارجية كتيار داعش فهؤلاء يعتمدون على تشويه سمعة الحكم و الخلافة في الاسلام عن طريق حرق الاخضر و اليابس باسم الاسلام هذا من جهة و من جهة اخرى تيار الاخوان المسلمين التيار الاسلامي التوجه الذي وصل الى الحكم في مصر بشكل ديمقراطي فقد اعترف بالديمقراطية كوسيلة و حل بالرغم من تعارضها من بعض النواحي مع الشريعة. خلاصة القول بان تعميم فكرة اسلاميين على الجميع هو استخدام غير موفق بالرغم من انه ذكر مرور الكرام نوع اخر للتيارات الاسلامية و هم الاصوليين من جهة و الحداثيين من جهة اخرى

 عودة لطرح الكاتب لمفهوم الديمقراطيةو  الحكم الاسلامي فقد تطرا للحديث عما يسمى بالتيار الاستشراقي الجديد فهذا التيار له مبادئ ومضمون و قواعد تتلخص بالقيم الليبرالية. فالاسلام بالنسبة لهذا التيار لا يعترف بالحرية الفردية و لايقر بالتعددية السياسية و لا بالاختلاف الثقافي. فهو يشترط اخلاق مدنية و ليس دينية

دعونا نعترف بان فكرة الكاتب هي ان الحكم في الاسلام يمكن ان يكون مدنيا و ليس دينيا و بناء على ذلك فانه يحلل مفاهيم الدولة و الليبرالية و اللائكية.

فالدولة مثلا تدل على انتقال و تداول السلطة. الكاتب يطرح تساؤل هل الدولة الاسلامية هي دولة دينية؟ جوابه هو لا لان الاسلام شكل اللحمة الايديولوجية للدولة الاسلامية و لكن في اجهزة و هياكل الدولة الدينية لايوجد مايوحي بانها دولة دينية و ذلك ايام الحكم الاموي و العباسي فان الامير او الخليفة او السلطان لم يكن الا حاكم سياسي ذو توجه ديني لكن تلك الوظيفة الدينية لا تعي القول بدينية الدولة الاسلامية وذلك لسبب بسيط هو ان الحاكم لم يتم اختياره بناء على مكانته في الهرم الديني و انما بحسب انتماءه الملكي.

دليل اخر يقدمه الكاتب هو الخلاف على السلطة الذي حصل بين صحابة رسول الله بعد وفاته اي ان هذا النزاع يعكس حقيقة صدام الدين و السياسة و ليس وحدتهما فاسباب الاختلاف او الخلاف هي اقتصادية تتعلق بتوزيع الثروة و سياسية ايضا. فما حصل في سقيفة بني ساعدة اكبر دليل على ذلك. الخلاف القبلي لكلا الطرفين سواء المهاجرين ام الانصار و ايضا اهل البيت فبيعة ابي بكر بحسب الفضل بن العباس قد تمت تحت التمويه. اعتقد ان استدلال الكاتب بمقولة سعد بن عبادة ب (من ينازعنا سلطان محمد) لايجب ان يكون مقياس على ان الاسلام و الحكم الاسلامي و الانتقال في الحكم يعتمد على الخلاف على السلطة. من الخطا الاعتقاد بان خلاف جميع الجهات على الحكم بعد وفاة الرسول الكريم محمد بن عبد الله ليس الا خلاف بسبب البلبلة و الفراغ السياسي الغير متوقع و محسوب له سيما ان الرسول المتوفى لم يترك وصية محددا من يخلفه على قيادة المسلمين و قد ترك الامر لصحابته بامر من الله. اعتقد ان مسالة ترك الاختيار مفتوحا بدون تحديد شكل و نظام معين يحفز المسلمين على الاجتهاد في اختيار حاكمهم اي ان الامر يعتمد على التخيير و ليس على الاجبار لحاكم معين و لا لنوع حكم معين بدليل قوله تعالى (و امرهم شورى بينهم).
هذا لايدل على ان الحكم في الاسلام يعتمد على مصلحة سياسية كما قام بعض المؤرخين بترجمتها و لصقوها بالاسلام معتمدين على خلافات الصحابة فالصحابة هم خطاؤون كغيرهم من البشر و القلقلة التي جرت معهم ليس تعبير على عدم صلاحية
الشريعة كنظام للحكم او ان الحكم الاسلامي ليس نظام حكم ديني كما ذكر الكاتب.

ان هذا الخلاف انتهى بعد تعيين ابو بكر الصديق كخليفة لرسول الله اي بعد قيام الردة فان توحد الانصار و المهاجرين ضد التفرقة و الضعف و تشتت الامة الاسلامية التي اسسها محمد بن عبد الله عليه الصلاة و السلام

بالنسبة للاخلاق المدنية, حقيقة هي نقطة غاية في الاهمية قد اشار الكاتب الى الفصل و عدم المقارنة بين علاقة المسيحية بالحكم في مجتمع اوروبي ذو تقليد مسيحي و بين علاقة الاسلام بالحكم في مجتمع عربي و اسلامي. فمقارنة تجربة دينية معينة عانت من سلطة الكنيسة و رجالها لمدة طويلة امر مختلف تماما عن الواقع و التاريخ العربي و الاسلامي فالاخلاق الاسلامية هي اخلاق انسانية تتعارض مع التميز العنصري او الجنسي او الديني او السياسي فهي اخلاق تدعو للمساواة و للخير و للعدالة فهو دين موجه لكافة البشر باختلاف ثقافاتهم و انتماءاتهم و اعراقهم.,  
بالتالي الاسلام هو دين منفتح على الاخر و غير متناقض مع التعدد و التعددية
لكن الكاتب في الوقت نفسه يتحدث عن الاسلاميين بالمفهوم الشامل كما ذكرنا سابقا و هو امر مغلوط فقد نوه الا ان الاسلاميين الذين يدعون لحكم اسلامي بعيد عن الديمقراطية على اساس الشريعة هم ليسوا الا جماعة دينية تدعو للاصولية و ليس للشمولية الهرطوقية. حقيقة ارى بان هذا الموضوع شائك جدا و معقد جدا فمذ انتهاء فترة حكم الخلفاء الراشدون باستثناء جكم عمر بن عبد العزيز فان المجتمع الاسلامي لم يعرف للبال راحة و لا لنظام الحكم سكينة فكم من المكائد حيكت و كم من الظلم
عم بسبب عدم الوصول لرؤية توافقية للمسلمين لتحديد ماهية الحكم الاسلامي.

نهاية اتمنى ان يتم تحكيم الشريعة الاسلامية عن طريق شخص يتم اختياره بحسب الشورى ذلك لان مفهوم الديمقراطية بعيد كل البعد عن المجتمع الاسلامي اعطي مثال عن زواج الشواذ المعتمد في اوربا فهو امر متعارض مع الدين لكن متوافق مع الديمقراطية و ان اي مسلم سيفضل الدين على الديمقراطية. كما ان الحرية الفردية الغير محدودة هي اكبر خطا هدام للقيم الاخلاقية التي يحث عليها سواء الاسلام ام الاديان السماووية الاخرى, لكني في الوقت نفسه لا اؤيد تلك الجماعات الداعية لتطبيق الشريعة بشكل جاهل و اعمى و غير مدروس. اليوم ليس كالامس و متطلبات مواطن اليوم ليست كمتطلبات مواطن الامس سيما الامس البعيد. اي ان الماضي ليس كالحاضر و لائكية الحكم ليست حل و خوارجية العصر ليسوا حل فيجب على علماء و فقهاء و سياسيوا و مفكروا الامة العمل على بدء مشروع تجديد مفهوم الحكم في الاسلام و الديمقراطية تلافيا لخطر ازدياد حدة الصراعات و الانقسامات في المنطقة العربية




رنيم سليمان